
صحيفة الوطن السعوديةالخميس 17جمادى الأولى 1429هـ الموافق 22 مايو 2008م العدد (2792) السنة الثامنة
صعوبات العمل الصحفي العربي
فاطمة شعبان
كثيراً ما نصادف بين الصحفيين العرب من يكتب أنه في الموضوع الفلاني، قد كتب في التاريخ العلاني مقالاً تنبأ به بما جرى بعد ذلك. وهو لا يدعي ذلك كذباً فقد يسعفه حظه في بعض المرات بأن يكتب ما يمكن أن يكون نبوءة، ولكن هذه النبوءة لا تكون بفعل قربه من موقع القرار أو حصوله على معلومات موثوقة تجعل من هذه النبوءة مبنية على أساس مهني صحفي. وهذه النبوءة غالباً ما تكون وليدة الصدفة، اختارها الصحفي من بين احتمالات كثيرة فأصابت موقعها، وهي أقرب إلى مصادفات التنجيم منها إلى المعلومات الموثوقة والموثقة التي حصل عليها الصحفي. ولكن ما لا يتحدث عنه هؤلاء الصحفيون عشرات المرات التي كانت فيها تقديراتهم خاطئة، بل أكثر من ذلك جاءت الأحداث عكس تقديراتهم على طول الخط، فهذه الحالات سريعاً ما ينساها الصحفي أو يُخفيها، ولأن الصحافة عندنا بلا ذاكرة سرعان ما يطوي الزمان مقالات الصحفيين ولا نجد من يراجعهم في ما كتبوا وأخطأوا. لا في حال نجاح الصحفي بتنجيمه، ولا في حال فشله، يكون ذلك تقصيراً مهنياً من الصحفيين العرب، بل هو يتعلق أساساً بشروط ممارسة المهنة في العالم العربي، ونظرة هذا العالم للصحافة بشكل عام.لا يعترف العالم العربي بالصحافة كسلطة رابعة كما هو متعارف عليها في الدول الغربية، لأنه يواجه أساساً مشكلة وخلطاً في العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. والسلطة التنفيذية صاحبة الحل والربط تقاوم أية رقابة عليها سواء من السلطة التشريعية أو القضائية، واللتين تشكلان في واقع الحال العربي سلطتين تابعتين للسلطة التنفيذية. كما أن هذه السلطة لا تجد في الصحافة، والتي هي في العالم العربي صحافة رسمية في أغلبها، سوى بوق للخطاب الرسمي الصادر عن السلطة التنفيذية يجري توجيهها بالتعليمات، ولا يكون ناظمها شروطاً مهنية تسمح لها بأداء دورها المفترض، بعكس ما يجري في مستويات المجتمع بشفافية سواء في قاع المجتمع أو في مواقع القرار، وإعطاء القراء والجمهور العام صورة حقيقية عما يجري وراء الجدران وفي الغرف المغلقة التي يتخذ فيها القرار أو في قاع المجتمع. ومن النادر أن نجد صحفياً عربياً على صلة وثيقة بأصحاب القرار ومن يملكون المعلومات، يسربون من خلاله ما يجري من إعدادات لقرارات ذات أهمية. ومهما كانت صلة الصحفي مع مواقع القرار فإنه يعمل كناطق باسم من له صلة معهم، لا كباحث عن الحقيقة التي يفترض أن تكون أساس العمل الصحفي، بصرف النظر عن طبيعة العلاقة بينه وبين أصحاب القرار. بذلك تفقد مهنة الصحافة أساسها عند هذا الصحفي ويتحول إلى بوق في الدفاع عن حاميه في السلطة.والعامل الأهم أن صاحب السلطة هو في نهاية الأمر صاحب الصحيفة، فالصحيفة ملك الدولة والذي يعني في العالم العربي أنها ملك السلطة. عدا عن ذلك فإن صاحب السلطة له القدرة على العقاب، ولا يعني العقاب في عالم الصحافة السجن فحسب، بل يعني قائمة من العقوبات التي تبدأ بالطرد من العمل، أو بالتوقف عنه، أو بسحب البطاقات الصحفية للصحفيين الذين يعملون مع الصحافة الأجنبية، مما يجعلهم غير قادرين على القيام بأعمالهم لصالح الصحف التي يعملون لها خارج بلدانهم... إلخ. وقد اشتكى جهاد الخازن عندما كان رئيس تحرير جريدة "الحياة" أكثر من مرة، من أنهم عندما يعيّنون في بلد مراسلاً موالياً للسلطة القائمة في البلد المعني، فإنه لا يزودهم سوى بالأخبار الرسمية المعروفة. وعندما يعينون أحد الصحفيين المحسوبين على المعارضة ـ هذا في حال وجود معارضة ـ ، فإن السلطة لا تزوده حتى بالأخبار الرسمية ولا يدعونه لحضور المؤتمرات الصحفية الرسمية، ما يجعله غير قادر على تلبية متطلبات صحيفته. وهذه الشكوى تشير إلى واقع بؤس العمل الصحفي في العالم العربي.في مثل هذه الظروف كيف يعمل الصحفي العربي؟لا نبالغ إذا قلنا إن الصحفي العربي يعمل على النفايات، ومطلوب منه أن يخرج من هذه النفايات مادة تستحق القراءة. فهو أعزل من كل شيء، من المعلومات ومن المصادر ومن معرفة خلفيات الأمور ومطلوب منه في نهاية المطاف أن يخرج بمادة تستحق القراءة. فغالباً ما تكون مصادر الصحفي العربي وسائل الإعلام ووكالات الأنباء، فما يعرفه هذا الصحفي عن الموضوع الذي يريد الكتابة عنه حتى لو كان عن بلده، يحصل من وكالات الأنباء والصحف الأجنبية على معلومات أكثر من تلك التي تتوفر له في حالة ذهب يبحث بنفسه عن المعلومات في بلده. وحتى عندما تريد سلطات هذا البلد أن تعطي معلومات للنشر تشكل سبقاً صحفياً فهي لا تختار صحفياً من البلد الذي يريد نشر هذه المعلومات، ولا حتى صحفي عربي، بل تختار صحفياً أجنبياً وتمنحه هذا الشرف وتحجبه عن صحفييها، الذين ينقلون في نهاية الأمر عن هذا الصحفي الأجنبي.إن شروط عمل الصحفي العربي تكاد تكون شروطاً مستحيلة، فلا يتوفر له الحد الأدنى من الشروط المهنية التي تجعله يستطيع القيام بمهامه بحدها الأدنى. فقائمة الممنوعات والمحرمات من الموضوعات والقضايا على الصحفي العربي طويلة أكثر مما ينبغي حتى تكاد تشمل كل شيء يحمل أهمية. ومطلوب منه أن يبتعد عن المستور والمحرّم. وهذه الشروط المفروضة على الصحفي العربي تعدم أية إمكانية للقيام بمهنة تعتمد على كشف المستور ومتابعة الحقيقة للوصول إلى أعماقها، والتي تغدو مهمة مستحيلة. وقائمة المحرمات تترافق مع حجب المعطيات والمعلومات، وازدراء من أصحاب القرار للصحفي المحلي.مع الشروط المهنية السابقة يصبح الخيار الوحيد أمام الصحفي العربي أن يعمل منجماً في إطار مهنته، وهذا العمل لا يعني أنه عمل بلا مخاطر، لأنه في حال نجاح تنجيمه فليس من الغريب أن يراجع من الدوائر الأمنية في بلده، لمعرفة مصادر معلوماته، ومن هو الشخص المسؤول عن تسريب هذه المعلومات، وعندها لا يستطيع الصحفي أن يفسر ما كتبه أنه تنجيم صدق، وأن يقنع محققه بأنه "كذب المنجمون ولو صدقوا" لأن التحقيق يصبح مستنداً إلى معلومات حقيقية وموجودة في الأدراج.وفي كل هذه الظروف مطلوب من الصحفي العربي أن يثبت كفاءة مهنية، وعندما تغيب شروط المهنة، فأي كفاءة يمكن الحديث عنها في واقع الصحافة العربية.* كاتبة فلسطينية
هناك 6 تعليقات:
مقال جميل جدا يعكس وضع الصحافه في عالمنا العربي ومعوقات العمل لذا لابد اذا اردنا الارتقاء بالعمل الصحفي في مجتمعتنا يجب علينا اتاحة الحريه للصحفي فالصحافه اصبحت علم وفن في المجتمعات الحديثه وحلقة وصل بين الشعب والحكومه ويجب ان يعكس الصحفي الواقع الذي يعيشه وان ينقل الخبر بي مصداقيه لكي يكون صحفي ماهر .اذا الحلول من اجل الرقي بالعمل الصحفي كثيره ودورنا كصحفيين واعلاميين ان ننتقل من اللهاث اليومي خلف الحدث الى دائرة صنع الحدث وهنا مكمن القوه لنا ولمجتمعنا وانا نرتقي بالعقل الجماهيري الى مستويات عاليه جدا في نقل الاخبار والوقائع الاخرى حتى تصبح مهنة الصحافه مهنة رائده تعكس مدى تطورنا وتطور الصحافه في مجتمعنا .
بالفعل مقال جميل يوضح مدى المعاناه التي تواجه الصحافه وخاصة في عالمنا العربي حيث لاتوجدحريه للصحفين لنقل الاخبار صحيحه غير مزيفه ونحن علينا كمتخصيصين في المجال الاعلامي معالجة هذه المشكله لكي نوجد صحافه حره ناقله للراي العام
مشاعل المقاطي
42805432
صحافه وراي عام
أصبح من الممكن بفضل التكنولوجيات الجديدة لأي شخص يملك جهاز كمبيوتر أن ينشر المعلومات على نطاق واسع أسوة بأكبر المؤسسات الصحفية. إلا أن موقع الإنترنت المصمم جيدا، مهما كان أسلوب الكتابة فيه جيداً ومهما تكرر تحديث المعلومات فيه، لا يشكل بالضرورة مصدرا موثوقا للأخبار. والحقيقة هي أن دور الصحفي أصبح الآن مهما أكثر من أي وقت مضى بعد أن أصبحنا نعيش في عالم معقد لم تعد المعلومات فيه سلعة نادرة.
فالصحفي، خلافا لمروّج الدعاية أو ناشر الشائعات، يمحص المعلومات المتوفرة ويحدد ما هو مهم وموثوق منها قبل أن يمررها للجمهور. ويتعين أن تكون التقارير والقصص الإخبارية دقيقة، سواء كانت تقارير أخبار أساسية أو مقالات صحفية خاصة. ويتعين على الصحفيين لا مجرد جمع المعلومات لنقل الأخبار وحسب، وإنما أيضاً التحقق من صحتها قبل استخدامها. ويعتمد الصحفيون على المراقبة المباشرة حينما يكون ذلك ممكنا ويرجعون إلى مصادر متعددة للتأكد من موثوقية المعلومات التي يحصلون عليها. كما أنهم يقومون، إلا في حالات استثنائية نادرة، بذكر المصادر التي استقوا منها معلوماتهم لكي يتمكن الجمهور من تقييم مصداقيتها.
إلا أن الصحافة أكثر من مجرد توزيع للمعلومات المبنية على حقائق. فالدعاية قد تكون مبنية أيضا على حقائق، ولكن تلك الحقائق تقدّم بطريقة تهدف إلى التأثير على آراء الناس. وكما نوهنا سابقاً فإن المحترفين في مجال العلاقات العامة يستخدمون الحقائق أيضا، ولكنهم قد يعرضون جانباً واحداً من القضية. أما الصحفيون فيجهدون لتقديم قصة إخبارية متكاملة ومنصفة. ويجهدون لتقديم قصة دقيقة وصحيحة، تعكس الحقيقة، وليس تصورهم لها أو تصور أي شخص آخر.
لاشك بان العمل الصحفي صعب ومخاطره كثيره فكثيرآ مانسمع ان هذا الصحفي قُتل او
خطِف او مشبهاه وهناك فرق بين الصحفي والذي يبدي رايه بصحيفة ما فالصحافة تتميز
بطعم اخر عن الذي يكتبون ارآئهم من دون ضوابط او حدود
ومن الفروق الأخرى التي تميز الصحافة عن أشكال الإعلام الأخرى كون الصحفيين يجهدون لضمان استقلالهم عن الناس الذين يغطونهم في أخبارهم. فليس من المحتمل أن يضمّن موظف العلاقات العامة الذي يعمل في المنظمة التي يكتب هو أو هي عنها معلومات في ما يكتبه تظهر المنظمة بصورة سيئة. أما الصحفي فسيحاول تقديم صورة كاملة، حتى لو لم تكن إيجابية تماما.
وليس الصحفيون مجرد أحزمة نقل لوجهات نظرهم الشخصية أو لمعلومات يقدمها آخرون. فهم يقدّمون تغطية أصلية للأخبار، ولا يخلطون بين الحقيقة والرأي أو الإشاعة، كما أنهم يتخذون قرارات تحريرية سليمة.
ويدين الصحفيون بولائهم الرئيسي للجمهور، وذلك خلافا لغيرهم من ناقلي المعلومات. وكما تقول صحيفة مونتريال غازيت الكندية في مدونة مبادئها للسلوك "إن أعظم رصيد تملكه أي صحيفة هو نزاهتها. واحترام تلك النزاهة يُكتسب بعد جهد جهيد ويُفقد بسهولة". وللمحافظة على تلك النزاهة يبذل الصحفيون جهودا كبيرة لتفادي تضارب المصالح، سواء كان فعليا أو متخيلا.ولذلك نعلم دون ادنى شك ان للصحافه صعوبتها ومتاعبها ونتائج وخيمه
للاسف والله المستعان ........
(وماتوفيقي الابالله عليه توكلت واليه انيب)
كاتبة التعليق : حصة عبدالله إبراهيم السوّيح
إرسال تعليق